استغل مسنون تجاوز بعضهم الثمانين من عمره، نعمة السمع لديه من أجل حفظ آيات من القرآن الكريم وتعلم بعض مبادئ الدين الإسلامي الحنيف في حملة التوعية ومحو الأمية التي تنفذها وزارة التربية والتعليم ممثلة في إدارة تعليم الكبار في محافظة صبيا، ولم تمنع معاناة بعضهم من ضعف الإبصار من مواصلة تعليمه في الحملة.
واستطاع 459 دارسا في الحملة التغلب على كثرة مشاغلهم والتزاماتهم الأسرية اليومية من أجل أن يتعلموا مبادئ القراءة والكتابة وحفظ آي من القرآن الكريم، وتعلم مبادئ دينهم الحنيف، فكان الالتزام بالحضور المبكر والدائم هو الصفة الدائمة والملازمة لهم.
ومما يؤكد حرصهم على التعليم وجود العديد من كبار السن الذين تجاوز بعضهم الثمانين عاماً من بين المستفيدين من الحملة, حيث أكدوا أنه بالرغم من كبر أعمارهم وضعف أبصارهم التي لم تعد تساعد على تعلم الكتابة أو القراءة، مستفيدين مما وهبهم الله به من نعمة السمع لحفظ بعض من كتاب الله الكريم وأركان الصلاة والإسلام، لتكون عوناً لهم على تأدية الصلاة بالشكل الصحيح.
وعبّر كل من محمد يحيى الريثي ويحيى بن علي الشحني ومحمد يحيى النجادي عن سعادتهم وفرحتهم بالتحاقهم بالحملة، وما تحقق لهم من فوائد بدأت تظهر جلية لهم، رغم أن الحملة لم يمض عليها سوى شهر واحد تقريبا.
وفي الصف نفسه بادر علي موسى الريثي لدى سؤاله عن قدراته في الكتابة ليصمت قليلا وهو يبحث عن قلمه، الذي وضعه قبل دخوله الفصل في درج طاولته، ليبدأ عند عثوره على القلم في كتابة الحروف الهجائية من الألف إلى حرف الراء بحركاته كافة من ضم وفتح وكسر وسكون، حيث كان آخر درس تلقاه في المدرسة, ليبرهن على أن الطموح في تحصيل العلم ليس مقرونا بسن أو زمان معينين.
فيما نوه أحمد بن علي ربيع مدير التربية والتعليم في محافظة صبيا بتجاوب الأهالي مع الحملة، ليأتي منسجما مع حجمها، فكان الحرص والتجاوب هو الصفة الملازمة.
وأيقظت الحملة التي تنفذ حاليا في قطاع محافظة الريث في جازان، العزائم لدى كبار السن من الأهالي وبرهنت للجميع أن العلم وسلوك الطرق المؤدية إليه في وطن مثل السعودية، لن يكون حكرا على فئة عمرية دون أخرى، بل هو حق يجب أن يحصل عليه الجميع من خلال المشروع الرائد لخادم الحرمين الشريفين، لمحو الأمية الذي يهدف لإيجاد مجتمع خال من الأمية بكل أطيافه وفئاته.
وجاء تنفيذ الحملة امتدادا لحملات نفذتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع العديد من الوزارات الأخرى خلال السنوات الماضية، وواحدة ضمن حملات تنفذ حاليا في عدد من المناطق، لتصل لمن هم في أمسّ الحاجة إليها في مواقعهم في قمم الجبال وبطون الأودية، من أجل أن تقدم لهم أبجديات القراءة والكتابة وتعلمهم مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وحفظ ما يتيسر من كتاب الله الكريم، إلى جانب تقديم كل ما يحتاجون إليه من خدمات صحية واجتماعية وثقافية ودعوية وزراعية وبيطرية، وغيرها من الخدمات التي يقدمها ممثلو الجهات المشاركة في الحملة.
ورصدت “وكالة الأنباء السعودية” خلال جولتها بمواقع تنفيذ الحملة بالريث، توزيع اللافتات واللوحات الإرشادية على طول الطريق الجبلي المؤدي لتلك المواقع، لتبرهن الحملة على رعاية واهتمام إذ فتحت مراكزها البالغ عددها 15 مركزا، وباشرت عملها في عدد من المواقع تشمل: مدرسة تحفيظ القرآن الكريم الابتدائية في الريث, والمدارس الابتدائية في كل من وادي عمود وخطوة العين والرهوة والواديين والشامية ومقزع والجبل الأسود والجفن وملاطس في وادي ثور والحدبة واللحجة والسادة وأتران وطفشة, وذلك بعد أن وفرت كامل المستلزمات الخاصة بتنفيذ الحملة من مستلزمات دراسية ووسائل توعوية وإرشادية، إضافة إلى العناصر البشرية المؤهلة التي تشرف على تنفيذها.
من جانبه، أشار محمد بن حسين قضعان المدير التنفيذي للحملة إلى أنها شهدت حضورا متواصلا من الأهالي منذ انطلاقتها في الثامن والعشرين من شهر جمادى الآخرة الماضي، ومطالبتهم الدائمة باستمرارها لفترة أطول حتى تعم الفائدة أكبر عدد ممكن منهم, مؤكداً سعي الجميع لتحقيق الأهداف المرجوة منها.
يذكر أن الحملة تأتي في إطار سعي وزارة التربية والتعليم للقضاء على الأمية، وحرصها على إنجاح الحملة الحالية وتفعيلها وتحقيق النتائج المرجوة منها، ومواصلة النتائج والنجاحات الموفقة التي شهدتها خلال السنوات الماضية