تحقيق: راندا جرجس
شهدت العقود الأخيرة تطوراً في طب العيون، وأظهرت أجهزة الليزر فاعلية ونجاحاً في معالجة مشكلات انكسار الإبصار بأمان، ويعد الليزك أحد هذه التقنيات الشائعة في عمليات تصحيح النظر والقرنية، التي أسهمت بشكل كبير في تحسين جودة الرؤية لدى المريض، والقدرة على القيام بالأنشطة الاعتيادية، والاستغناء عن النظارات الطبية والعدسات اللاصقة، وفي السطور القادمة سنتعرف إلى هذا الإجراء وأنواعه واستخداماته المتعددة.
يقول الدكتور ميغيل مورسيلو، استشاري طب وجراحة العيون: إن عملية تصحيح النظر بالليزك إجراء لا يسبب الألم، ولا يحتاج إلى غرز جراحية أو ضمادات، كما أن التعافي يستغرق عادة يوماً أو اثنين، ويتسم بكفاءة عالية؛ حيث إنها تساعد 97% من المرضى في التخلص من النظارات أو العدسات الطبية، وتستخدم هذه التقنية لغالبية حالات قصر وطول وانحراف النظر (الإستجماتزم)، إضافة إلى بعض مشكلات النظر المرتبطة بالشيخوخة، كما يمكن إضافة الليزك لعدد من الوسائل الانكسارية الأخرى كالعدسات الداخلية أو زراعة القرنية لتحسين نتائجها.
شروط الإجراء
يوضح د.ميغيل، أن الأشخاص الذين يحتاجون إلى إجراء عملية الليزك هم الراغبون في الاستغناء عن النظارات الطبية أو العدسات، لكن يجب أن يكونوا مناسبين لبعض الشروط التي تحددها مجموعة من الفحوص، حتى لا يتعرضوا لمضاعفات بعد الإجراء، وهي كالآتي:
* يجب أن يكون الشخص بالغاً، ويتأكد الطبيب المختص من عدم تغيّـر قياسات النظارة الطبية خلال عام واحد على الأقل، وتعتبر الوصفات السابقة للنظارات أو العدسات الطبية مصدراً للمعلومات بهذا الصدد.
* ينبغي أن تخضع القرنية للتحليل عبر إجراء تخطيطي؛ بحيث تتمتع بالسماكة المناسبة دون وجود أية آثار لأمراض، ويمكن لأجهزة التخطيط الحديثة إجراء تحليل محوسب للبيانات التي يتم جمعها من مختلف القياسات المأخوذة في الفحص.
* لابد أن يكون مقدار الانكسار في العدسة لدى المريض مناسباً لنطاق الليزر، وعلى قدر من الجودة والنعومة ليناسب تقنية العلاج؛ حيث يكون محدوداً بمقدار 8 ديوبيتر لقصر النظر، و4 ديوبيتر لطول النظر، و6 ديوبيتر للإستجماتزم.
* لا يتناسب إجراء الليزك للسيدات الحوامل أو المرضعات، والأشخاص الذين يتناولون أدوية معينة، أو يعانون مشاكل في العين كالجفاف، أو الزرق (الجلوكوما)، أو داء السكري، أو أمراض الروماتيزم غير المسيطر عليها بشكل جيد.
موانع طبية
يذكر الدكتور أسامة الجليدي، استشاري طب العيون، أن إجراء عمليات الليزك في كلتا العينين معاًَ، يتمتع بفاعلية عالية من الأمان، ويسهم في سرعة تعافي النظر، وفي حال تصحيح مشكلة انكسار الضوء يمكن أن تكون العملية في عين واحدة، وتستخدم تقنية فيمتو ليزك أو ما يسمى بالليزر الجراحي لعمل ثنية في القرنية، ويمكن تعزيز مستوى السلامة وتحسين توقعات نتائج العملية مقارنة بالليزك التقليدي، باستخدام مبضع القرنية الجراحي.
ويضيف: يجب الانتباه من بعض الأسباب الطبية التي تمنع المريض من إجراء هذه العملية، كوجود قرنية رقيقة أو غير اعتيادية أو الارتفاع الكبير في نسبة الأخطاء البصرية، أو التغيّـر المستمر في وصفات النظارات الطبية، إضافة إلى الجفاف المتوسط إلى الشديد في العينين.
فئة عمرية
يشير د.أسامة إلى أن العمر المثالي لإجراء عملية الليزك يكون من 18 إلى 21 سنة، مع شرط ثبات درجة الأخطاء البصرية، أما بعد سن 50-60 عاماً، فيجب على المريض دراسة خيارات بديلة مثل استبدال عدسات الانكسار بأخرى متعددة البؤر، لتحسين كل من قصر وطول النظر؛ حيث إن الليزر لا يعالج مشاكل النظر كصعوبة القراءة بسبب تدني قدرة عدسة العين على التركيز على الأجسام البعيدة، بعد سن الأربعين فما فوق بنفس الكفاءة، وتجدر الإشارة إلى أن جميع المرضى يمكنهم ارتداء النظارات أو العدسات اللاصقة عند الحاجة بعد الليزك.
تقنية متطورة
يلفت الدكتور صالح آل سليم، استشاري طب وجراحة العيون، إلى أن الليزر يغير تضاريس سطح القرنية بدقة عالية، على حسب مقاسات النظارة الطبية التي يستخدمها المريض، وبهذا تتحول القرنية إلى نظارة أو عدسات لاصقة بعد العملية، وخاصة أن القرنية هي الجزء الأساسي من العين الذي يتعرض لأشعة الليزر في هذا النوع من العمليات، ولذلك تجب دراسته وفحصه جيداً قبل إجراء العملية، ثم فحص عدسة العين والشبكية والعصب البصري، ومن أشهر أنواع عمليات تصحيح البصر حالياً هي عملية الليزك الذي يقوم فيها الطبيب باستخدام الميكروكيراتوم أو الفيمتو ليزر لقطع جزء من القرنية سمكها نحو 910 ميكرون (ما يعادل خمس سمك القرنية في أغلب الحالات) ثم رفع هذه الشريحة ووضعها مرة أخرى في نفس موضعها الأصلي، وغالباً ما يكون هناك ألم لمدة يوم واحد فقط وقليل مع عدم وضوح الرؤية لمدة 3 إلى 5 أيام على الأكثر.
الليزر السطحي
يذكر د.صالح، أن الليزر السطحي من العمليات المتطورة في علاج تصحيح الإبصار، ويتم استخدام هذا النوع في إزالة الطبقة السطحية من القرنية بالليزر، بحسب مقاس النظارة الخاصة بالمريض، ثم وضع عدسة لاصقة على سطح القرنية لثلاثة أيام على الأقل، وهي المدة التي يحدث فيها التئام للطبقة السطحية مرة أخرى، وغالباً ما يلجأ الطبيب لهذا النوع من العمليات في حالة أن تكون سماكة القرنية ضعيفة، وغير مناسبة لعمليات الليزك، ويمكن أن يعاني المريض ألماً في الأيام الثلاثة الأولى من العملية، وعدم وضوح الرؤية لمدة تتراوح من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع حتى تلتئم الخلايا السطحية تماماً وبشكل صحيح.
الفيمتو سمايل
ويشير د.صالح، إلى أن الفيمتو سمايل، تعتبر من أحدث التقنيات في مجال تصحيح النظر بالليزر؛ حيث يستخدم فيها الطبيب جهاز فيمتو ليزر خاص لعمل فتحة صغيرة في القرنية تبلغ نحو 3 مم، ويقوم الجهاز بقص شريحة رقيقة من القرنية، ثم أخراجها من هذه الفتحة دون الحاجة إلى قطع كامل في القرنية، وتشكيل سطحها كما في عمليات الليزر السطحي أو الليزك، ويتم إجراء هذا النوع في حالات طول النظر، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون سماكة القرنية طبيعية، وفي الغالب يشعر المريض بألم بسيط لمدة يوم واحد، وزغللة في الرؤية لمدة تتراوح من 3 إلى 5 أيام على الأكثر.
إرشادات وقائية
يشير د.صالح، إلى وجود بعض الإرشادات التي يجب على المريض أن يلتزم بها بعد إجراء عملية الليزك، كاستخدام القطرات العلاجية بعد العملية لنحو 3 أسابيع، وكذلك القطرات المرطبة للعين لمدة 3 أشهر، وفي معظم الحالات يحصل المريض على نظر سليم بنسبة كبيرة (99%) إلا في حالات خاصة مثل كسل العين أو الضعف والجفاف الشديد، إضافة إلى تجنب التعرض للأتربة والدخان والغبار أو فرك العين أو ممارسة الرياضة والذهاب للجيم في الأسبوع الأول بعد العملية؛ حيث إن العين تحتاج إلى الراحة لاستقرار النظر والتأكد من التئام القرنية بشكل كامل وصحيح، وتستمر نتيجة العملية مدى الحياة، لكن ربما يحتاج المريض إلى نظارة القراءة في سن الـ 45 سنة وذلك لحدوث تغيرات في عدسة العين ليس لها أي علاقة بعمليات الليزر.
الإستجماتزم
يعتبر الإستجماتزم من مشكلات عيوب الإبصار الشائعة التي تحتاج إلى عملية الليزك لتصحيحها؛ حيث إنها تصنف كانحناء غير منتظم بعدسة العين أو القرنية، وتؤدي إلى تشوش وعدم وضوح الرؤية، والصداع، والحوّل، وتهيج وإجهاد في العين، ولا يوجد سبب معروف حتى الآن لهذه الحالة ومن المرجح أنها تتواجد منذ ولادة الطفل المصاب، ويمكن أن تتطور مضاعفتها وتسمى العين الكسولة، أو تحدث نتيجة العوامل الوراثية، وعند بعض المرضى الأكبر سناً بسبب إجراء جراحة في العين كإزالة المياه البيضاء، ويتم التشخيص عن طريق اختبار جودة الرؤية أثناء النظر، وتقييم الانكسار، وقياس مستوى انحناء القرنية، وتعد أفضل الخيارات العلاجية للإستجماتزم البسيط هو ارتداء النظارة الطبية أو العدسات اللاصقة، أما في الحالات الشديدة فيمكن اللجوء لاستخدام تقنيات أشعة الليزر الحديثة لتغيير شكل القرنية، وحصول المريض على رؤية طبيعية.