إعداد: خنساء الزبير . صحيفة الخليج
توصي الارشادات الصحية بضرورة البقاء بالمنزل وعدم الخروج إلا للضرورة بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا؛ ولكن لا يعني ذلك البقاء في حالة من الخمول الذي يجر كثيراً من المشكلات الصحية. يمكن ممارسة كثير من الأنشطة داخل المنزل، والقيام بالمهام التي تتطلب الحركة البدنية والتي يفضلها الشخص؛ فكل ذلك يستعيد به الجسم محدودية الحركة بالخارج.
تنبه الكثيرون إلى أن الحجر المنزلي لا ينبغي أن يحد من نشاطه البدني، وأن اكتساب الوزن يرتبط بزيادة مخاطر فيروس كورونا داخل الجسم؛ وهو ما جعلهم لا ينقطعون عن مسيرة التمارين الرياضية التي كانوا يمارسونها من قبل، أو أصبحت الرياضة ضمن أولوياتهم بعد أن كانت نوعاً من التسلية في أوقات الفراغ. بالرغم من أهمية التمارين الرياضية إلا أنها تتطلب الحذر وسط الجائحة الحالية.
أهمية خاصة
أصبح الحفاظ على نمط الحياة الصحي من التحديات الكبيرة التي تواجه الناس وسط جائحة فيروس كورونا الحالية، بجانب تحدي الحفاظ على قوة جهاز المناعة حتى يقوم بعمله بكفاءة وحماية الشخص من شدة أعراض كوفيد-19 في حال التقاط العدوى.
في ظل الوضع الحالي من انتشار كبير للجائحة في جميع أنحاء العالم أخذ النشاط البدني أهمية خاصة؛ فهو يعزز وظيفة المناعة، ويقلل من الالتهاب وبالتالي يمكن أن يقلل من شدة العدوى وشدة أعراض كوفيد-19. يساعد أيضاً على تحسين الأمراض المزمنة الشائعة، والتي ترتبط بشدة أعراض كوفيد-19. من ناحية أخرى تعتبر الرياضة والمهام الحركية من أفضل الطرق التي تهدئ التوتر والقلق ما يسهم في الحصول على صحة جسدية أفضل تتحدى الأمراض؛ فالنشاط البدني يعيد هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) إلى مستوياته الطبيعية ما ينعكس إيجاباً على الحالة النفسية والبدنية، وبالتالي كفاءة جهاز المناعة بالجسم.
النشاط المطلوب
تؤكد إرشادات منظمة الصحة العالمية أن أي قدر من النشاط البدني أفضل من لا شيء، حتى عندما لا يتم الوفاء بالحد الموصى به. تعتبر هذه رسالة إيجابية للغاية لكثير من الناس الذين لا يبلغ مقدار نشاطهم البدني حاليًا الحد الأدنى المطلوب. أهم توصيات النشاط البدني هي: من تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاماً عليهم ممارسة ما لا يقل عن 60 دقيقة / يوم من النشاط المعتدل إلى المكثف- يكون في الغالب الألعاب والرياضات الهوائية- على مدار الأسبوع. يجب ممارسة الأنشطة الهوائية القوية (مثل الجري)، وكذلك الأنشطة التي تقوي العضلات والعظام، كالقفز على سبيل المثال، على الأقل 3 أيام في الأسبوع. يجب أن يحد الأطفال والمراهقون من مقدار الوقت الذي يقضونه في الجلوس لا سيما مقدار الوقت الترفيهي على الشاشة مثل وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو.
بالنسبة للبالغين وكبار السن، بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من حالات مزمنة وإعاقات، ممارسة 150-300 دقيقة من النشاط البدني الهوائي متوسط الشدة (مثل المشي السريع أو النشاط المناسب لحالة الشخص) ، أو 75-150 دقيقة من النشاط البدني القوي (مثل الجري) خلال الأسبوع، أو مجموعات مكافئة لكليهما حيث تعادل دقيقة واحدة من النشاط القوي تقريبًا دقيقتين من النشاط المعتدل. تتضمن أمثلة الأنشطة الهوائية المشي السريع أو صعود الدرج أو ركوب الدراجات أو السباحة أو الجري.
يتم أيضًا تشجيع كبار السن الذين يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكبر، على المشاركة في “الأنشطة البدنية متعددة المكونات” لمدة ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع. من أمثلة الأنشطة متعددة المكونات الوقوف على قدم واحدة أثناء القيام بتمارين العضلة ذات الرأسين لتحسين التوازن وقوة عضلات الجزء العلوي من الجسم بشكل متزامن.
غياب الأنشطة المدرسية
توقفت الرياضة المدرسية بشكل مفاجئ خلال وباء كوفيد -19؛ وكيف أثر ذلك في صحة المراهقين الذين كانوا يمارسون تلك الأنشطة الرياضية بشكل عام في مدارسهم وماذا حدث عندما عاد الرياضيون منهم إلى الرياضة المنظمة في ظل هذا الوباء كان هدف دراسة قام بها باحثون من كلية الطب بجامعة ويسكونسن. أجرى الباحثون الدراسة لتحديد تأثير ممارسة الرياضة خلال جائحة كوفيد-19 في صحة الطلاب الرياضيين. كانت طبيعة الدراسة عبارة عن استطلاع عبر الإنترنت تم إجراؤه في أكتوبر 2020.
أظهرت النتائج أن المشاركة الرياضية خلال جائحة كوفيد -19 مرتبطة بفوائد صحية عقلية وجسدية كبيرة للمراهقين. أبلغ أولئك الذين عادوا إلى المشاركة الرياضية في خريف 2020 عن انخفاض أعراض القلق والاكتئاب وارتفاع مستويات النشاط البدني.
في هذه الدراسة أُجريت بين بيانات التقرير الذاتي عن القلق والاكتئاب والنشاط البدني ونوعية الحياة المتعلقة بالصحة لمجموعة من الرياضيين الذين مارسوا رياضة مع مجموعة مماثلة من الرياضيين الذين لم يمارسوا الرياضة؛ وذلك في ولاية ويسكونسن خلال خريف 2020.
تضمنت مجموعة الدراسة 559 رياضيًا في الصفوف من 9-12، وتتراوح أعمارهم بين 13 و 19 عامًا.
أشارت النتائج إلى أن الرياضيين الذين لم يشاركوا في الأنشطة الرياضية بين المدارس يعانون من أعراض أسوأ بشكل ملحوظ من القلق والاكتئاب، وانخفاض مستويات النشاط البدني؛ وذلك مقارنة بالرياضيين الذين انخرطوا في تلك الأنشطة في خريف2020.
يرى الباحثون بأن هذه النتائج يمكن أن تساعد في إبلاغ خبراء الصحة العامة ومديري المدارس والطب الرياضي ومقدمي خدمات الصحة العقلية فيما يتعلق بفوائد الصحة البدنية والعقلية المحتملة للمراهقين عند مشاركتهم في الألعاب الرياضية المنظمة.
إجمالي إنفاق الطاقة
أكمل ما مجموعه 2974 إيطالياً من مختلف الفئات الاجتماعية والمستوى التعليمي استبيان نموذج عبر الإنترنت على مدار 30 يومًا (من 1 إبريل إلى 30 إبريل 2020) خلال حالة طوارئ كوفيد-19 بتلك الدولة.
تم من خلال الاستبيان قياس إجمالي إنفاق الطاقة على النشاط البدني الأسبوعي قبل وأثناء الحجر الصحي (أي مجموع المشي والأنشطة البدنية متوسطة الشدة والأنشطة البدنية شديدة الشدة) في دقائق المهام المكافئة الأيضية في الأسبوع؛ وذلك باستخدام نسخة معدلة من استبيان النشاط البدني الدولي والرفاه النفسي لهم باستخدام مؤشر الرفاه النفسي العام.
أظهرت النتائج أن من بين 2524 ممن شملتهم الدراسة، 1426 من الإناث (56.4٪) و1098 من الذكور (43.6٪)، انخفض إجمالي النشاط البدني بشكل ملحوظ قبل وأثناء الجائحة وسط جميع الفئات العمرية وخاصة عند الرجال. علاوة على ذلك تبين وجود ارتباط إيجابي معنوي بين تباين النشاط البدني والحالة النفسية الجيدة العقلية؛ ما يشير إلى أن انخفاض النشاط البدني الكلي كان له تأثير سلبي عميق في الصحة النفسية.
بناءً على هذا الدليل العلمي يُعد الحفاظ على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام استراتيجية أساسية للصحة البدنية والنفسية خلال فترة الراحة القسرية كما هو عليه الحال في الوقت الحالي من انتشار فيروس كورونا.