تقدم المؤسسات والهيئات في الإمارات العديد من المبادرات التي تساهم في تفعيل دور أصحاب الإعاقة ،على الصعيد الإنساني والإنتاجي، إلى جانب الارتقاء بوعي المجتمع المحيط بهم. ويتجلى في معرض الشارقة الدولي للكتاب، العديد من هذه المبادرات التي تتوجه لشرائح مختلفة.
أول هذه المبادرات، إطلاق “هيئة تنمية المجتمع” كتابين، لشاب وفتاة من ذوي الإعاقة من خلال دعم برنامج “الكيت لتوظيف الإعاقة” خلال مؤتمر صحفي عقد أخيرا في مقر المعرض. الكتاب الأول للشابة زينب الطنيجي بعنوان “ألوان الحياة”، وتتناول فيه تجربتها وكيفية تمكنها من كسر حاجز “التوحد” من خلال الرسم، ليتعرف القارئ على عزلة التوحد القسرية وعوالمه الداخلية وصولاً إلى نافذة تطل عبرها على العالم، كما تعكس رسوماتها في الكتاب مهارتها وموهبتها في الرسم التصويري “مانغا” بتقنية وحرفية عالية.
مسيرة حياة
أما الشاب الإعلامي والشاعر محمد الغفلي المتعدد المواهب الذي حرم من نعمة البصر، فيقدم في كتابه “للحياة مذاق آخر” مسيرة حياته مع الظلام الذي كان رفيقه منذ كان في السادسة من عمره. وتعكس سيرته تحديه لإعاقته التي لم تقف أمام حصوله على شهادة الماجستير، والعمل الوظيفي وكتابة الشعر والتمثيل والمشاركة في تقديم برامج إذاعية.
قال أحمد المهيري المدير التنفيذي لقطاع البرامج والخدمات في هيئة تنمية المجتمع خلال المؤتمر الصحفي: (يهدف برنامج “كيت” إلى إحداث تغيير إيجابي في حياة الأفراد ذوي الإعاقة والمحيطين بهم. يكفي أن ندرك أن العدد الأكبر من الميداليات التي حصدتها الإمارات في عالم الرياضة والأولمبياد، كانت من قبل ذوي الإعاقة بنسبة 80%. وهو أكبر مثال على قدراتهم التي لا تقل عن الآخرين، وأكبر مثال الأديب طه حسين الذي أنتج ببصيرته روائع الأعمال. كما استغرق انجاز المشروع من فكرة إلى كتاب ما يقارب عامين بتعاون ودعم العديد من المؤسسات).
بهذه المناسبة، قال الغفلي خلال حفل توقيع كتابه: “يسعدني مشاركة الآخرين في تجربتي، وهدفي من الكتاب التأكيد على أن ذوي الإعاقة أناس عاديون ولهم الحق في فرص الحياة الاجتماعية. هذه التجربة دفعتني للتفكير في كتابة عمل جديد في إطار الرواية”.
حقوق
وفي جناح “مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية”، قالت منى اليافعي مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات ومنسقة الجناح: (تبعاً للاتفاقية الدولية التي وقعتها الإمارات عام 2006، فإن المصطلح المعتمد حالياً هو الأفراد ذوو الإعاقة وليس الاحتياجات الخاصة، وذلك لضمان حقوقهم في المؤسسات الحكومية والمعنية بهذا الشأن. ونحن في المؤسسة نطبع الكتب الإرشادية والتربوية الموجهة لأسر ذوي الإعاقة، بهدف دمج أفرادها بالمجتمع. وتعريفهم بالمصطلحات. كما يضم الجناح كتاب “الدليل التشخيصي الرابع”، بالتعاون مع الجمعية النفسية بأميركا وترجمة طلعت منصور. وهو كتاب معتمد وموجه للأطباء وإدارة المستشفى والعاملين في التربية الخاصة. كما قمنا في الأيام السابقة بتوقيع اتفاقيات مع بعض دور النشر لتوزيع كتبنا).
نقص الكتب
وقالت فدوى البستاني من دار “البستاني للنشر والتوزيع” التي فازت عام 2011 بجائزة أفضل كتب خاصة بذوي الإعاقة في منطقة الشرق الأوسط: “لاحظت نقص المكتبات العربية من الكتب التي تعرّف الطفل بذوي الإعاقة من أقرانه وكيفية التواصل معهم لكسر الحاجز بينهم، وبالتالي لم أتردد في شراء حقوق الترجمة والنشر من دار فرانس جوزيف هواينغ الألمانية قبل ثلاث سنوات، على الرغم من تكلفتها العالية بدافع مسؤولية الدار المجتمعية”.
وأجابت لدى سؤالها عن مدى الإقبال على مثل هذه الكتب، (لم تلق الكتب أو القصص الثلاث التي نشرناها أي إقبال في مكتبات الطفل في البداية، والتي يتحدث الكتاب الأول فيها “كيف نرى الأشياء؟” عن الإبصار، ويحكي كيف يميز الأعمى بين الليل والنهار وكيف استطاع أن يوصل طفلة أضاعت طريقها إلى بيت اسرتها، ويتابع أفلام السينما، وكتاب ” عندما تتكلم الأصابع” الذي يتضمن وسيلة التواصل مع الصم باللغتين العربية والأجنبية والتعريف بعالمهم مثل كيفية استمتاعهم بالموسيقى، وكتاب “كرسي يسع العالم” عن الأطفال الذين استبدلوا أقدامهم بالعجلات نتيجة إصابتهم بمرض الشلل أو تعرضهم لحادثة ما).
إقبال
وأضافت بحماس، “ولكن لحسن الحظ، زاد الإقبال عليها بعد فوزنا بالجائزة، فمثل هذه الكتب تساعد في ارتقاء وعي الطفل والمساهمة في دمج من يعانون من بعض الإعاقات في نسيج المجتمع. ولدينا حالياً تحت الطبع كتب عن إعاقات أخرى مثل التوحد، والزهايمر، وصعوبات التعلم بأشكالها المتعددة.