تقود طبيبة سعودية حملة هي الأولى من نوعها على مستوى المملكة لإنقاذ حياة مئات من السعوديين معرضين لتوقف القلب المفاجئ بسبب أمراض القلب الوراثية الناجمة عن زواج الأقارب، والتي لا تقتصر على المريض وحده، بل تمتد لتصيب أفرادا من أسرته وخاصة الأطفال نتيجة العوامل الوراثية.
وقالت لـ “الاقتصادية” قائدة الحملة الدكتورة جمانة يوسف الأعمى مديرة مركز الأميرة الجوهرة للتميز البحثي في الأمراض الوراثية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، الحاصلة على زمالة الكلية الملكية البريطانية وزمالة الكلية الكندية في علم الجينات الإكلينيكي، إن 64 في المائة من المصابين بتوقف القلب المفاجئ في السعودية أعمارهم تحت الـ 40، بسبب اضطرابات القلب الوراثية وضعف عضلة القلب الوراثي. وأشارت إلى أن متلازمة كيوتي الطويلة هي أهم أسباب اضطرابات القلب الوراثية وتصيب شخصا من بين كل 2500 مريض في العالم، متوقعة أن تماثل أعداد الإصابة في المملكة تلك الأعداد، ولكن مع زيادة شدة الإصابة وخاصة في الأسر التي يكثر فيها زواج الأقارب.
وبينت الأعمى، أن أمراض القلب الوراثية تشمل عديدا من الأمراض ومنها متلازمة كيو تي الطويلة LQTS، متلازمة كيو تي القصيرة SQTS، متلازمة البروجادا BrS، عيوب القلب التوصيلية، كاتيكولامينيرجك التسارعي متعدد أشكال البطين القلبي CPVT، وتختلف نسبة الإصابة بأمراض القلب الوراثية بين الرجال والسيدات تبعا للتشخيص.
وأضافت أنه لوحظ أن متلازمة كيو تي الطويلة LQTS تصيب السيدات أكثر من الرجال على عكس متلازمة البروجادا BrS. حيث تشير الدراسات إلى أن هناك اختلافات عديدة بين الرجال و النساء المصابين بمتلازمة كيو تي الطويلة.
وأكدت الأعمى أن الأطفال معرضون للسكتة القلبية؛ لأنها مرض وراثي، لافتة إلى أن الطفل يولد وهو يحمل الطفرات المسببة للمرض ولكن تتفاوت الأعمار في بداية ظهور الأعراض، وقد تظهر في مرحلة الطفولة وبعض الحالات في فترة الحمل ويؤدي إلى المضاعفات بما فيها الإجهاض.
وتابعت أن أكثر ما يكون في الأطفال الناتجين عن زواج الأقارب حيث يشترك الأبوان في الجد الحامل للطفرة. أما في حال وراثة طفرتين فإن اضطراب القلب يظهر في سن مبكرة، ولشدة اختلال قنوات الأملاح فإن اضطراب القلب يصحبه ضعف السمع الشديد. وقد تتكرر الوفاة المبكرة في أسرة واحدة مما يثير الشك لوجود إحدى هذه المتلازمات وضرورة الكشف المبكر.
ونوهت إلى أن الكثير من الأطفال المصابين “مع الأسف الشديد” يتم تشخيصهم كحالات تشنج متكرر، ويرجع ذلك إلى أن اختلال ضربات القلب يؤدي إلى نقص الأكسجين الصاعد إلى الدماغ. ومن المؤشرات المهمة عند النظر لأسباب التشنجات الناتجة عن اضطرابات القلب تكون مسبوقة بسماع صوت مفاجئ أو تغير عاطفي حاد كالخوف الشديد فقد يكون هناك اضطرابات وراثية في تنظيم ضربات القلب، وكذلك لو حدثت تشنجات أو إغماء أثناء السباحة خاصة، أو أثناء عمل مجهود بصفة عامة.
وأكدت الأعمى أن التشخيص المبكر هو المفتاح للوقاية حيث يمكن لحامل الطفرة الوراثية أن يتناول العلاجات الوقائية من اضطرابات القلب المفاجئة. وأضافت أن نشر الوعي بين أفراد المجتمع عن أهمية التشخيص المبكر وسبل الوقاية، يأتي في مقدمة الخطط الاستراتيجية التي وضعها المركز لمكافحة أمراض القلب الوراثية والحد منها. وذكرت أن المركز أطلق أول حملة للتوعية بالمشكلة، إضافة إلى إجراءات عاجلة اشتملت على تأسيس عيادة أمراض القلب الوراثية، وفي الوقت نفسه تم تشغيل مختبر علم الوراثة الإكلينيكية لتحديد الطفرات الجينية المسببة لعدم انتظام ضربات القلب.